إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
خطبة الجمعة مع الإجابة على الأسئلة
4897 مشاهدة
افتقار المخلوق للخالق سبحانه وتعالى واستغناء الخالق عن المخلوق

فربنا سبحانه يمهل ولا يهمل، فربنا سبحانه هو الغني عن عباده، وعباده هم الفقراء إليه، ولكن يظنون أنهم بحولهم وبفضلهم وبقوتهم وبسيطرتهم أن لهم القدرة على أن يفعلوا ما يريدون، وأن لهم التمكن على أن يصلوا إلى ما يصلون إليه، ولكن ينسون قدرة الله الذي هو على كل شيء قدير، وينسون فضله، وينسون فقرهم إليه. فإن العباد بطبعهم فقراء إلى ربهم سبحانه وتعالى؛ فهو الذي خلقهم وبدأ خلقهم من طين، ثم جعل نسلهم من سلالة من ماء مهين، وهو الذي يرزقهم وييسر لهم الرزق.
لو حبس عنهم فضله لهلكوا ولانقطعوا من هذه الحياة الدنيا، فلو حبس عنهم الماء ... ولو حبس عنهم ... النجاة لماتوا جوعا وجهدا، ولو حبس عنهم الريح لأنتن كل ما على وجه الأرض. وكذلك أيضا هو الذي يرسل الرياح وهو الذي ينشئ السحب، وهو الذي ينزل الماء من السماء وهو الذي ينبت النبات وينزل البركات، وهو الذي يسأل وهو الذي ينعم عليهم ويعطيهم ويخولهم وييسر لهم كل عسير، ويعطيهم من كل ما سألوه.
كما أخبر بذلك في قوله: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً هكذا أخبر بأنه أسبغ عليهم، وأنه سخر لهم كل شيء. ومن اعتبر بأمر ربه ومن اعتبر بحاجته إلى الله تعالى -رفع إليه أكف الطاعة، وتاب إليه وأناب، واستغفره مما صدر منه، وعلم أنه سبحانه هو المرجع إليه وإليه المآب، وعلم أنه لا غنى به عن ربه طرفة عين.
كما أخبر بذلك في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ؛ فالعباد فقراء إلى الله تعالى بالذات، فقراء بالذات لا غنى بهم عن ربهم في لحظة من اللحظات، وربهم سبحانه غني عنهم، لا تنفعه طاعة المطيع ولا تضره معصية العاصين.
كما ورد في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك في ملكي شيئا. ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ؛ فهو سبحانه لا تنفعه طاعة المطيعين ولا تضره معصية العاصين، ولكنه ابتلاهم حيث خلقهم لعبادته، وأنعم عليهم.
وأمرهم بأن يكونوا عبيدا له، وأن يظهروا له الافتقار إليه، وأن يرفعوا إليه أكف الضراعة، وأن يعترفوا بأنه سبحانه هو ربهم وخالقهم ورازقهم، وأنه لا غنى بهم عن الله تعالى، فيدعوه وهم موقنون بالإجابة، ويسألوه أن ينعم عليهم وأن يسبغ عليهم فضله، وهو سبحانه قريب مجيب. قال الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ .
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم .